استدامته، اتِّباعًا لما ثبت بالسُّنَّة الصَّحيحة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان يتطيَّب قبل إحرامه، ثمَّ يُرَى وَبِيصُ الطِّيب في مَفارقِه بعد الإحرام (١). وفي لفظٍ:«وهو يُلبِّي»(٢). وفي لفظٍ:«بعد ثلاثٍ»(٣). وكلُّ هذا يدفع التَّأويل الباطل الذي تأوَّله من قال: إنَّ ذلك كان قبل الإحرام، فلمَّا اغتسل ذهب أثره. وفي لفظٍ: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يُحرِم تطيَّب بأطيبِ ما يجد، ثمَّ أرى (٤) وَبِيصَ الطِّيب في رأسه ولحيته بعد ذلك» (٥). وللَّه ما يصنع التَّقليد ونصرةُ الآراء بأصحابه!
وقال آخرون منهم: إنَّ ذلك كان (٦) مختصًّا به. ويردُّ هذا أمران:
أحدهما: أنَّ دعوى الاختصاص لا تُسمع إلا بدليلٍ.
الثَّاني: ما رواه أبو داود (٧) عن عائشة: كنَّا نخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكَّة، فنُضمِّد جِباهَنا بالسُّكِّ (٨) المطيَّب عند الإحرام، فإذا عرِقَتْ إحدانا سالَ على
(١) ص، ج: «إحرامه». والحديث رواه البخاري (٢٧١) ومسلم (١١٩٠/ ٤٢) عن عائشة - رضي الله عنها -. (٢) عند مسلم (١١٩٠/ ٤١). (٣) عند النسائي (٢٧٠٣)، وصححه ابن حبان (٣٧٦٨). (٤) ب، مب: «رأى». وفي المطبوع: «يرى» خلاف بقية النسخ ومصدر التخريج. (٥) عند مسلم (١١٩٠/ ٤٤). (٦) «كان» ساقطة من ك. (٧) برقم (١٨٣٠)، ورواه البيهقي (٥/ ٤٨)، وحسنه النووي في «المجموع» (٧/ ٢١٩)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود - الأم» (٦/ ٩٢). (٨) ص: «المسك». والمثبت من بقية النسخ موافق لما في مصادر التخريج. والسُّك: ضرب من الطيب يركَّب من مسك ورامك.