[الباب الثامن في كراهيته للإطراء، وقيام الناس له صلى الله عليه وسلم]
روى الشيخان عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «لا تطروني كما أطرى النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا:
عبد الله ورسوله» [ (١) ] .
وروى أحمد، والنّسائي وأبو القاسم البغوي عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال:
يا محمد يا سيّدنا وابن سيدنا، وخيرنا، وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:«أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهويّنكم الشيطان» [ (٢) ] .
وروى الإمام أحمد، والبخاري في الأدب، والترمذي، وصححه عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا، لما يعلمون من كراهته لذلك [ (٣) ] .
وروى أبو داود عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقمنا إليه، فقال:«لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يعظم بعضهم بعضا» [ (٤) ] .
وروى الحافظ وأبو نعيم عن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه مرسلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا ترفعوني فوق حقّي، وفي لفظ: قدري أن الله تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا» [ (٥) ] .
[تنبيه: في بيان غريب ما سبق:]
الإطراء: قال في النهاية مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه.
استهواه الشيطان: ذهب به، وقيل استماله، وأضله، فهدى إلى ما دعاه إليه: أي أسرع في الجري.
[ (١) ] أخرجه البخاري ٦/ ٤٧٨ (٣٤٤٥) (٦٨٣٠) ومسلم ٣/ ٣١٧ (٥/ ١٦٩١) . [ (٢) ] أخرجه أحمد ٤/ ٢٥ وأبو داود ٥/ ١٥٤ (٤٨٠٦) والنسائي في عمل اليوم والليلة ص ٢٤٨ (٢٤٥، ٢٤٧) . [ (٣) ] الترمذي ٥/ ٩٠ (٢٧٥٤) وقال حسن صحيح غريب من هذا الوجه. [ (٤) ] أحمد في المسند ٥/ ٢٥٣ وأبو داود (٥٢٣٠) وابن ماجة ٢/ ١٢٦١ (٣٨٣٦) في إسناده أبو غالب واسمه: حزور ويقال: نافع، ويقال سعيد بن الحزدر قال أبو حاتم: ليس بالقوي. [ (٥) ] أخرجه الطبراني في الكبير ٣/ ١٣٩ وانظر المجمع ٩/ ٢١.