وكذا قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ﴾ (١)، لم يدل على أن الزكاة لا تحتاج إلى نية.
فإن قيل: فإن النبي ﷺ قال في الطهر من الجنابة: "أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات من ماء، فإذا أنا قد طهرت"(٢)، ولم يذكر النية.
وهكذا قال لأم سلمة:"إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء، فإذا أنت قد طهرت"(٣).
وكما قال لأبي ذر:"إذا وجدت الماء فأمسسه جلدك"(٤)، ولم يضف
(١) سورة التوبة، الآية (١٠٣). (٢) أخرجه البخاري (٢٥٤) ومسلم (٣٢٧/ ٥٤) دون قوله: "فإذا قد طهرت". وأخرجه أحمد (٤/ ٨١) بلفظ: "أما أنا فآخذ ملء كفي ثلاثًا، فأصب على رأسي، ثم أفيضه على سائر جسدي". وإسناده صحيح كما قال ابن الملقن في البدر (١/ ٦٨١). قال ابن حجر: "قوله: فإذا أنا قد طهرت" لا أصل له في حديث صحيح ولا ضعيف، نعم وقع هذا في حديث أم سلمة في سؤالها النبي ﷺ عن نقض الرأس لغسل الجنابة، فقال لها: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء، فإذا أنت قد طهرت"، وأصله في صحيح مسلم". التلخيص (١/ ٥٩). قلت: وسيأتي تخريجه، لكن الواقع في صحيح مسلم إنما هو معناها لا لفظها؛ إذ فيه: "فتطهرين"، وعبارة ابن الملقن أدق؛ إذ قال: "هذه اللفظة مروي معناها في حديث أم سلمة". البدر المنير (١/ ٦٨٢). (٣) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي (١٠٥) وقال: "حسن صحيح". وهو عند مسلم (٣٣٠/ ٥٨) بلفظ: "فتطهرين". وأخرجه باللفظين على الشك ابن ماجه (٦٠٣) وفات المحقق (١٢٨) التنبيه على رواية الترمذي الموافقة للفظ المصنف، وكذا رواية ابن ماجه. (٤) تقدم تخريجه (٢/ ٤٩).