قيل: إن من العقد ما لا يدخله الخيار؛ وهو عقد الصرف والسلم عندكم، وليس من شرطها الإشهاد، [وأما](١) اختصاص النكاح بالإعلان؛ فلا يوجب الشهادة؛ لأن الإعلان مسنون، والإشهاد مسنون.
ومن أصحابنا من قال: من تمام عقد النكاح الإشهاد بعده، يُشهد هذا من لقي، وهذا من لقي، إذا لم يشهدوا في حال العقد.
ولست أختار هذا، بل أقول: إنه يتخصص من بين سائر العقود بأن الإعلان والإشهاد مسنون فيه، ومن غير الإشهاد مستحب.
فَصْل
في نكاح السر إذا اشترطوا كتمان النكاح؛ فسخناه (٢).
وقال أبو حنيفة والشافعي (٣): "لا يبطل إذا حضره الشهود (٤)، وكتمانهم لا يضر"(٥).
(١) في الأصل: وإنما. (٢) قال ابن عبد البر: "نكاح السر عند مالك وأصحابه أن يُستكتم الشهيدان، أو يكون عليه من الشهود رجل وامرأتان ونحو ذلك مما يقصد به إلى الستر وترك الإعلان". الاستذكار (١٤/ ٢٤٣). وقال ابن العربي في القبس (١٤/ ٢٤١): "وأشده ما لم يكن فيه شاهد، وهو الذي يرجم فاعله إذا عثر عليه فادعاه ولم يثبته". (٣) قال ابن عبد الر: "وهو قول يحيى بن يحيى صاحبنا". الاستذكار (١٤/ ٢٤٤). قلت: ورجحه أيضًا ابن العربي في القبس (١٤/ ٢٤١). (٤) والسر عندهما كل نكاح لم يشهد عليه رجلان فصاعدا، ويفسخ على كل حال. الاستذكار (١٤/ ٢٤٤). (٥) وسبب اختلافهم هل ما يقع فيه الشهادة ينطلق عليه اسم السر أم لا؟ بداية المجتهد (٤/ ٢٣٣) وانظر المصادر المتقدمة في المسألة. وانظر أيضًا المدونة (٢/ ٣٠٧) والمعونة (٢/ ٥٤٢ - =