قيل: إن الله - تعالى - أخبر أنه يطهرنا بهذا الماء، وأنه طهور، [ثم](١) على أي صفة يستعمل؟ وهل يفعل هو الطهارةَ بنفسه أو باستعمالنا له؟ مأخوذ من دلالة أخرى.
وجواب آخر: وهو أن الآية من هذه الجهة مجملة؛ لأنه لما قال: ﴿طَهُورًا﴾، ولم يذكر أفعالنا فيه فظاهره أن نفس الماء يفعل ذلك، وقد علمنا أن المراد شيء آخر، فنقول: إنه طهور إذا استعملناه ونوينا.
وجواب آخر: وهو أن الظاهر لو كان معهم لم يمتنع أن نضيف إلى ذلك الحكم النيةَ بالدلالة التي تقدمت.
وجواب آخر: وهو أن النبي ﷺ قال: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"(٢)، ثم لم يدل هذا - عندكم - على سقوط النية في التيمم، كذلك قوله: ﴿طَهُورًا﴾ لا يدل على سقوط النية من الوضوء.
وهكذا ما روي من قوله ﷺ:"التراب طهور المسلم"(٣)، ولم يدل
(١) زيادة ليست في الأصل، والسياق يقتضيها. (٢) تقدم تخريجه (٢/ ٤٢). (٣) أخرجه أبو داود (٣٣٢) والترمذي (١٢٤) وأحمد (٥/ ١٨٠) والدارقطني (١/ ١٨٦) والبيهقي (١/ ٣٢٦ - ٣٢٧) بلفظ: "الصعيد الطيب وضوء المسلم". وفي لفظ لأبي داود (٣٣٣) والترمذي (١٢٤) وأحمد (٥/ ١٤٦): "إن الصعيد الطيب طهور ما لم تجد الماء ولو إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء؛ فأمس بشرتك". وقال الترمذي: "حسن صحيح". وقال ابن الملقن في البدر (٢/ ٦٥٠): "هو حديث جيد". وانظر التلخيص (١/ ١٥٤). فائدة: قال ابن الملقن: "هذا الحديث رواه أبو بكر الأثرم بلفظ غريب، وهو: "يا أبا ذر! إن الصعيد طهور لمن لم يجد الماء عشرين سنة، فإذا وجدت الماء؛ فأمسه بشرتك". البدر المنير (٢/ ٦٥٧).