فإن قيل: فإن عليًّا وعثمان وغيرهما حكوا وضوء رسول الله ﷺ(١)، ولم يذكروا نية.
قيل: هؤلاء حكوا ما ظهر من الفعل، وهو الذي قصد النبي ﷺ أن يريهم إياه، فأما النية فلم يقصد تعريفها إياهم في ذلك الوقت.
وجواب آخر: وهو أن مذهبنا ضم الأخبار بعضها إلى بعض، فنقول: كأن رسول الله ﷺ قال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به إذا كانت معه نية"، كما لم نمنع نحن وأنتم في قوله:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"(٢)، أن يضاف إليها رابع وأكثر بدلالة.
وجواب آخر: وهو أنه أشار إلى الوضوء وهو في الحقيقة الغسل، [ولم يتعرض للنية](٣)؛ لأنها ليست وضوءًا، ومنزلة هذا منزلة قوله: هذه القراءة التي لا يقبل الله الصلاة إلا بها، ثم لا يدل على أن الصلاة كلها هي القراءة.
وجواب آخر: وهو أن قوله: "هذا وضوء" ولا يحصل عندنا الوضوء
= فائدة: قال ابن الملقن: "يجمع - بضم أوله، وفتح ثانيه، وكسر ثالثه مشدد - وروي بتخفيف الثالث مع فتح أوله، وهو بمعنى "يبيت"، وروي "يثبت" أي يجزم، وروي: "من لم يورضه من الليل" أي يهيئه". البدر المنير (٥/ ٦٥٥). (١) حديث علي أخرجه أبو داود (١١٧) مختصرًا، والترمذي (٤٨) والنسائي (٩٥) وابن ماجه (٤٠٤) وأحمد (١/ ١١٠) وأبو عبيد في الطهور (١٦١)، وإسناده صحيح، وله ستة طرق ذكرها ابن الملقن في البدر المنير (٢/ ١١١ - ١٢٢) واختصر ذلك ابن حجر في التلخيص (١/ ٧٩ - ٨٠). وأما حديث عثمان فقد سبق تخريجه (٢/ ١٣). (٢) أخرجه البخاري (٦٨٧٨) ومسلم (١٦٧٦/ ٢٥). (٣) في الأصل: ولم يتعد من النية، والصواب ما أثبت.