فلولا أن ذلك جائز؛ لما فعله عمر؛ لأنه لا يدخل العار على نفسه وعشيرته، ولو لم يجز؛ لم يخل جمع من ذكرنا من ولي يعترض، أو يقال فيه: إنه غير جائز، ولو كان شيء من ذلك؛ لنقل حتى يعلم، فلما [جوزوا](١) ذلك مع كثرة عشائرهم وأهلهم، ولم ينكر بعضهم على بعض؛ علم أنه لا معتبر بالنسب مع منع الجواز.
وأيضًا فقد روي "أن أبا هند حجم النبي ﵇ على اليافوخ (٢)، فقال ﵇ لبني بياضة: أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه"(٣).
وبنو بياض من الأنصار، وأبو هند حجام، فدل أيضًا على جوازه، وأن لا تعتبر الصنعة (٤).
فإن قيل: الأولياء والمرأة رضوا، وهذا يجوز عندنا.
قيل: فلو كان النسب معتبرًا؛ لم يجز أن يحملهم النبي ﷺ على ما لا يختارونه مع دخول العار عليهم، وكان يستعلم رضاهم، فإن كرهوا سألهم، فدل على أن النكاح جائز.
فإن قيل: فقد قال: "زوجوه"، ولعلهم لم يختاروا التزويج أصلًا.
= وأخرج ابن أبي شيبة (١٧٨٨٢) عن عمرو بن أبي قرة الكندي قال: "عرض أبي على سلمان أختًا له فأبى، وتزوج مولاة له يقال لها بقيرة". (١) في الأصل: جردوا. (٢) هو الموضع الذي يتحرك من وسط الرأس، ويجمع على يآفيخ، والياء زائدة. النهاية (١٠٢٣). (٣) أخرجه أبو داود (٢١٠٢) والدارقطني (٣/ ٣٠١) وصححه الحاكم (٢/ ١٦٢) ووافقه الذهبي، وقال ابن عبد الهادي في إسناد أبي داود: "هذا إسناد جيد". تنقيح التحقيق (٤/ ٣٣٣). (٤) واعتبرها أصحاب الشافعي. انظر نهاية المطلب (١٢/ ١٥٦) الإشراف (٣/ ٣٠٦ - ٣٠٧).