أحدهما: أنه أثبت صلاة الفذ وسماها صلاة، وهم يقولون ليست بصلاة.
والدلالة الثانية: أنه ﵇ فاضل بينهما، فأثبت للجماعة فضلًا، فدل أن المفردة فاضلة، إلا أن مرتبتها أخفض، ولو كانت المنفردة باطلة؛ لم يصح اللفظ (١)، وصار بمنزلة رجل يقول: صلاة بطهور أفضل من صلاة بغير طهور، فلما كان هذا خطأ؛ دل على ما ذكرناه.
فإن قيل: قوله ﵇: "صلاة الفذ"(٢) يعني بها صلاة المعذور من مرض أو غيره (٣)، فنحن نقول: إن صلاته صحيحة إلا أنها في جماعة أفضل.
قيل: هذا خطأ؛ لأنه روي أن الله تعالى يقول للملائكة:"اكتبوا العبد في أفضل ما كان يعمله في صحته، ما دام مربوطًا في وثاقي"(٤).
أفلا تراه أثبت له مثل صلاة الصحيح وزاده زيادة فضل.
على أننا نقيس على المعذور فنقول: كل من تكون الجماعة [ليست](٥)
(١) ناقش في هذا ابن حزم في المحلى (٣/ ١٠٧) وانظر أيضًا مجموع الفتاوي (٢٣/ ٢٣٢) والشرح الممتع (٤/ ١٣٨). (٢) تقدم تخريجه (٤/ ١٨٣). (٣) قال بهذا ابن حزم في المحلى (٣/ ١٠٧) وشيخ الإسلام ابن تيمية (٢٣/ ٢٣٤ - ٢٣٦). (٤) أخرجه بقريب من لفظ المصنف الطبراني في الصغير (٧٧٨) وابن حبان (٢٩٢٩) وسكت عنه الحافظ في الفتح (٧/ ٥٦٢) ولفظه: "إن الله يكتب للمريض أفضل ما كان يعمل في صحته ما دام في وثاقه". وأخرجه البخاري (٢٩٩٦) بلفظ: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا". وانظر الفتح (٧/ ٥٦٢). (٥) ساقطة من الأصل، ولا بد منها حتى يصح مراد المؤلف، ويدل عليها ما بعدها.