وإن شئت حررته على غير هذا اللفظ فقلت: قد اتفقنا أنه إذا مسح إلى المرفقين أجزأه، فكذلك إلى الكوعين، العلة فيه أنه ماسح لمفصل من اليد، تجب الدية كاملة بإصابته.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (١).
وإطلاق اليد يقتضي إلى المناكب بدليل حديث عمار وقوله:"فمسحنا أيدينا إلى المناكب والآباط"(٢)، وهم كانوا أهل لسان ولغة، ففهموا من الآية الاستيعاب، وأن إطلاق اليد يتناولها إلى المنكب.
وأيضا ما رواه الأعرج عن ابن الصمة - وهو أبو جهيم - "أن رسول الله ﷺ تيمم، فمسح وجهه وذراعيه"(٣).
وروي نافع قال "مررت مع عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن عباس ﵄، فكان من حديثه أن قال: بال رسول الله ﷺ، فأتاه رجل فسلم عليه، فلم يرد حتى ضرب بيديه الحائط، ومسح بهما وجهه، ثم ضرب بهما
(١) سورة المائدة، الآية (٦). (٢) تقدم تخريجه (٢/ ١٦٢). (٣) أخرجه الدارقطني (١/ ١٧٧) وفيه أبو عصمة وهو متروك كما قال الزيلعي في نصب الراية (١/ ١٥٤) وأيضا فإنه منقطع بين عبد الرحمن الأعرج وابن الصمة فإنه لم يسمع منه. وأخرجه ابن المنذر (٢/ ١٦٨) والبيهقي (١/ ٣١٦) من غير طريق أبي عصمة، لكن تبقى علة الانقطاع كما قال البيهقي. والحديث في الصحيحين كما تقدم لكن بلفظ: "يديه" لا ذراعيه وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ١٣٨): "والثابت في حديث أبي جهيم أيضا بلفظ: "يديه" لا ذراعيه فإنها رواية شاذة".