والآخرة، والاعتصام يعنى الاستمساك بالشيء (١)، والتمسك بالكتاب والسنة عصمة ونجاة من الفتن والضلالات، ومن أسباب التفرق والاختلاف، قال الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران: ١٠٣]، أي: تمسكوا بدين الله وعهده في كتابه بالأمر بالأُلْفة والاجتماع على الحق، وهناك معان في معنى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} تندرج ضمن المعنى السابق: الجماعة، بعهد الله وأمره، ووردت أقوال كثيرة في معنى {بِحَبْلِ اللَّهِ}، فقيل: القرآن، وقيل: الجماعة، وقيل: عهد الله، وقيل: دين الله (٢).
ويقول القرطبي رحمه الله معلقًا على هذه المعاني:"والمعنى كله متقارب متداخل، فإن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة؛ فإن الفرقة هلكة والجماعة نجاة، ورحم الله ابن المبارك حيث قال:
ومعنى قوله تعالى:{وَلَا تَفَرَّقُوا} أي: "لا تتفرقوا عن دين الله وعهده الذي عهد إليكم في كتابه من الائتلاف والاجتماع على طاعته وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- والانتهاء إلى أمره"(٤).
ولقد جاءت النصوص في الأمر بالاعتصام بالكتاب والسنة والتحذير من مخالفتهما، ومن ذلك:
(١) ينظر: الصحاح (٤/ ١٦٠٨) مادة (مسك). (٢) ينظر: تفسير الطبري (٥/ ٦٤٣ - ٦٤٦)، تفسير القرطبي (٤/ ١٥٩)، تفسير ابن كثير (٢/ ٨٩). (٣) تفسير القرطبي (٤/ ١٥٩). (٤) تفسير الطبري (٥/ ٦٤٧).