اسم تكون وخبر يكون {أَنْ يَعْلَمَهُ} لأن «أن» مع الفعل مصدر، والتّقدير:
أو لم يكن لهم آية علمه بنى إسرائيل، ومعناه: أو لم يكن آية معجزة ودلالة ظاهرة على بنى إسرائيل بمحمّد صلّى الله عليه وسلم فى الكتب إلى الأنبياء قبله أنه نبىّ، وأن هذا القرآن من عند الله عزّ وجلّ، ولكنه {فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}(١) على بصيرة ليكون أوكد فى الحجة عليهم.
وقرأ الباقون:{أَوَلَمْ يَكُنْ} بالياء {آيَةً} بالنّصب خبر كان واسم كان {أَنْ يَعْلَمَهُ} وهو الاختيار لأنّ {آيَةً} نكرة و {أَنْ يَعْلَمَهُ} معرفة، وإذا اجتمعت معرفة ونكرة اختير أن يجعل المعرفة اسم كان والنكرة خبره. وسيبويه لا يجوز ذلك إلا فى ضرورة شاعر نحو قول حسان (٢) :
كأنّ سلافة من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء
قوله:«من بيت رأس» أى: من بيت رئيس تسمى العرب السيّد رأسا، قال عمرو (٣) :
(١) سورة البقرة: آية: ٨٩. (٢) ديوانه: ١/ ١٧، وهو من شواهد الكتاب: ١/ ٢٢، وشرح أبياته لابن السيرافى ١/ ٥٠، والنكت عليه للأعلم: ١٨٦ ومعانى القرآن: ٣/ ٢١٥، والمقتضب: ٤/ ٩٢ والجمل للزجاجى: ٥٨، وشرح أبياته الحلل: ٩٤، والمحتسب: ١/ ٢٧٩، وشرح المفصل لابن يعيش: ٧/ ٩١، ٩٣، والخزانة: ٤/ ٤٠. يروى «كأن سبيئة» وهما من أسماء الخمر (السّلافة): «هو أول ما يسيل من العنب قبل أن يطأه الرّجال بأقدامهم، وأصله من السّلف، وهو المتقدم من كل شيء ... ». و(السّبيئة): بالهمز ... وأصلها المسبوءة، يقال: سبأت الخمر- بالهمز- إذا شربتها فهى فعيله بمعنى مفعولة» يراجع تنبيه البصائر لابن دحية: (سبيئة) وأنشد بيت حسان وصدره بقوله: «قال شاعر دين الإسلام». (٣) من معلقته المشهورة، وعجزه: * ندقّ به السّهولة والحزونا*