وقرأ الباقون:«وما تنزّلُ الملائكة» بالتاء مفتوحة ورفع «الملائكةُ» و «تنزّلُ» فى هذه القراءة وفى اللّتين قبلها فعل مضارع و «الملائكةُ» رفع بفعلهم، لأنّ الله لمّا أنزل الملائكة نزلت الملائكة، وتصديق ذلك {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}(١) و «نزَّل به الرّوح الأمين» فالمصدر من نزل ينزل نزولا فهو نازل، ومن أنزل ينزل إنزالا فهو منزل ومن نزّل ينزّل تنزيلا فهو منزّل، ومن تنزّل يتنزّل تنزّلا فهو متنزّل.
قرأ ابن كثير وحده «سُكِرَت» خفيفة أى: سجرت، كما يقال:
سكرت الماء فى النهر.
وقرأ الباقون {سُكِّرَتْ} أى: سدّت وغطّيت، تقول العرب: سكرت الرّيح، أى: سكنت وركدت، وصامت عن الخليل (٢).
حدّثنا ابن مجاهد عن أبى الزّعراء عن أبى عمر عن الكسائىّ قال:
سكرت وسكّرت لغتان وإن اختلف تفسيرهما.
وفيها قراءة ثالثة (٣): حدّثنا ابن مجاهد قال: حدّثنا عبيد بن شريك عن ابن أبى مريم عن رشدين عن يونس عن الزّهرى أنّه قرأ: «لقالوا إنّما سَكِرَت أبصارنا» بفتح السين وكسر الكاف، أى: اختلطت وتغيرت كما تقول: سكر الرّجل: إذا تغيّر عقله/وينشد (٤):
(١) سورة الشعراء: آية ١٩٣ القراءتان فى السبعة ذكرهما المؤلف فى موضع هذه الآية من السورة. (٢) العين: ٧/ ١٧١. (٣) المحتسب: ٢/ ٣، وتفسير القرطبى: ١٠/ ٨، والبحر المحيط: ٥/ ٤٤٨. (٤) هذه الأبيات أوردها أبو عبيدة فى المجاز: ١/ ٣٤٨ هكذا: -