للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبب هذا بالاضافة إلى عزلة معظم الباحثين وقلة اتصالهم: أن يعمل أكثر من واحد في نشر كتاب واحد من دون علم أحدهما بالآخر، مما يؤدي إلى ضياع كثير من الجهد الذي كان بالامكان الاستفادة منه في ميادين أخرى أو نشر كتب أخرى. لذلك فإني أرى من المفيد إقرار جهة أو مؤسسة لتكون مرجعا لمن يريد معرفة ما يجري نشره من مخطوطات، فيخبر من يقوم بالنشر هذه الجهة لتطلع عليها وتنبه من أراد النشر بعده إلى العمل القائم، فيتحاشى المتأخر العمل وينصرف إلى غيره، أو يؤيد السابق في العمل، وبذلك تنزل نوعا من العقاب الأدبي ببعض المناكفين في هذا الميدان العامي. وأرى هنا أن مجمعكم الموقر هو المؤسسة التي يمكن أن تكون المرجع، او تقترح المرجع الملائم لتحقيق هذا الغرض، فإن لهم من سعة الاطلاع وتقدم في السن وسمو في النفس ما يجعلهم جديرين بالقيام بهذا الواجب.

قد تتباين آراء الباحثين في تقدير الأهم من جوانب الحضارة، ويختلفون في اختيار المواضيع لأبحاثهم، ولكن تبقى حقيقة ثابتة أراها ترقى إلى مستوى البدهيات وهي أن كل دراسة لا تأخذ بنظر الاعتبار مكان الموضوع والناس الذين يتصل بهم الموضوع، تكون ناقصة، ويتعرض القائم بها إلى الوقوع في أخطاء أو على الأقل إلى الغموض المربك. وهذه الحقيقة أوثق ما تكون صلة بعمل المجمع اللغوي الذي يهدف أعضاؤه الكرام تفهم لغة العرب الأصيلة ويعملون على إحياء ما يفيدنا منها في هذه الحياة المعاصرة المتسعة المعقدة.

ولا ريب أن كثيرا مما نتصوره تعدد معان، أو مرادفات، أو أشباه ونظائر، أو تنوع في القراءات والنحو والصرف، إنما مرجعه تعدد اللهجات الناجمة بدورها من وجود مجتمعات متعددة في الجزيرة يحتفظ كل منها ببعض الأساليب الخاصة به في الحياة أو التعبير.

فإذا كان اعتبار اللغة العربية تتبع قواعد معينة موحدة جامدة هو خطأ يفضحه القرآن الكريم بما فيه من تنوع في معاني المفردات وأساليب تركيب

<<  <  ج: ص:  >  >>