[هذا بحث ممتع لا من حيث تعلقه بهذا الكتاب، بل من حيث شموله، القاء الدكتور صالح العلي أثناء اجتماع مؤتمر (مجمع اللغة العربية) في القاهرة، في دورته الثالثة والثلاثين في ٢٤ شوال سنة ١٣٨٦ (٢/ ١٩٦٧/٤)]
«جزيرة العرب» للأصمعي واحد من الكتب الكثيرة القيمة المحسوبة في عداد المفقود من التراث الفكري العربي الضخم، لم يبق منه إلا مقتطفات نقلتها بعض المؤلفات المتأخرة، وخاصة معجم البلدان لياقوت، حتى قادتني الصدف خلال تتبعي لأحوال الجزيرة والشرق الأوسط في صدر الاسلام إلى الاطلاع على مخطوط عن جزيرة العرب وضع على خلافه اسم مؤلفه «لغدة الأصبهاني» فذكرتني مادته بما نقله الأقدمون من نصوص عن جزيرة العرب، ووجدت أغلب ما نقلوه واردا عرضا في هذا المخطوط مما حملني على الاعتقاد بأنه هو كل أو معظم كتاب الأصمعي، فنسخت الكتاب ودونت في هامش نسختي أرقام صفحات الكتب التي نقلت ما ورد في متنه، وسجلت ما بدا لي من ملاحظات عن المخطوطة ومادتها، ثم ركنت كل ذلك مع أكداس أخرى من أبحاث ناقصة، ومرت الأيام تتابع، والسنين تتلاحق، وأنا خلالها أفكر في أهمية ما جاء فيه، وبجدارته بالنشر، ولما لم أسمع بأحد معتزم نشره، فقد أخذت أفكر في الشكل الذي ينبغي أن ينشر عليه.