للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المعلوم أنه لا توجد قواعد عامة معترف بها يسير على هديها الناشرون، وقد أدى فقدان هذه القواعد إلى كثير من الاضطراب والبلبلة، وإلى تنوع صور المنشورات، وإلى حيرة كثير من الناشرين، فبعضهم يرى نشر النص كما ورد في المخطوط دون تبديل، وبذلك يعرض الناشر للقارئ الكتاب كما أراده ناسخ المخطوط، أو راوي الكتاب، وبعضهم يرى ضرورة تدقيق النص وتثبيته على وجه الصواب، وفريق يرى بالاضافة إلى ذلك، أن تثبت في الهوامش اختلاف قراءات النسخ ومن المعلوم أن كل هذا أمر معقد في في نشر كتب ألفت في عصور لم تخترع فيها الطباعة بعد، ولم تكتسب حقوق المؤلفين الشرعية التي صارت لها، بالرغم من أن بعض المؤلفين حددوا النسخة المعتمدة بمن يجيزونه روايتها. ولا ننسى أن كثيرا من المؤلفين كان يعيد النظر في ما يؤلفه فيبدل فصوله، ويحذف أو يضيف أو يعدل ما يراه، وبذلك تصلنا من المؤلف الواحد عدة نسخ مختلفة في مادتها وتبويبها.

ولا تقف مشاكل نشر الكتب عند تثبيت النص بل تتعداها إلى مقدار ما تمتد اليه الهوامش، فهل يكتفى فيها بمجرد ذكر اختلاف القراءات ومصادر المادة المثبتة في المتن؟ أم تمتد إلى شرح هذه المادة وتوضيحها وذكر ما ذكرته المصادر الأخرى عنها؟ أي هل يكون واجب الناشر عرض النص المحقق بالشكل الذي أراده المؤلف، أم وضعه في نطاق يجعله ملذا ومفيدا للقارئ المعاصر بكتابة مقدمة وافية عن الكتاب ومؤلفه، ومادة بحثه، ومكانتها في تاريخ الفكر والحياة المعاصرة؟

لا توجد في البلاد العربية قواعد عامة أو مبادئ متفق عليها يسير على هديها العاملون على نشر المخطوطات، وكل ما نجده آراء فردية عرضها بعض الباحثين من العرب والمستعربين، وتطبيقات متعددة منوعة قام بها كل ناشر حيث سار على ما تراءى له أصولا جديرة بالاتباع. ولكن كل هذه الآراء والتطبيقات لم ترتفع إلى مستوى القواعد العامة التي تكون نبراسا يهتدي به

<<  <  ج: ص:  >  >>