عنك وعن أمَّتك، فيزول حفظُه عن القلوب، وإذا (١) نُسِخَ العملُ به وقراءتُه لم يقرؤوه مدَّة فنسوه.
ووجه آخر:{فَلَا تَنْسَى}؛ أي: فلا تتركُ العملَ به {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} فيُنسَخُ العملُ به فيُتْرَكُ لنسخِه.
ووجه آخر: قاله الفرَّاء: لم يشأ اللَّه أن تنسى شيئًا، وهو كقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}[هود: ١٠٧]، وهو لا يشاءُ، وهو كقولك: لأعطينَّكَ كلَّ ما سألْتَ إلَّا أن أشاء أن أمنعَك (٢)، وأنت لا تريدُ أن تمنعَه (٣).
ووجه آخر: فلا تنسى إلَّا أن يريدَ اللَّهُ إنساءَكَ، فإنَّه قادرٌ على ما يشاء، ثم هو لا ينسيْكَ وإنْ كان قادرًا على إنسائِكَ، كما قال:{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}[الإسراء: ٨٦]، ونحوِ ذلك، وهو لا يشاءُ، وذكرُ هذا تذكيرُه قدرةَ ربِّه، وأنَّه إذا لم ينسَ فإنَّما ذلك بفضل اللَّه ومَنِّه.
قوله تعالى:{إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى}: أي: رفعَ الصَّوت بالقراءة وإخفاءَ الصَّوت فيها، لا يخفى عليه شيءٌ من ذلك.