وقوله تعالى:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}: أي: قدَّر اللَّهُ لكم ما تحلِّلون به أيمانكم وهي الكفَّارة.
وقيل: قد أوجبَ عليكم، فقد جعل اللَّه تحريم الحلال يمينًا، وقد أوجب فيه الكفَّارة، وهو مذهبنا.
وكذلك كان قول عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه وطاوسٌ والحسن والثَّوري وأهل الكوفة.
و {لَكُمْ} في معنى: (عليكم)، كقوله:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}[الإسراء: ٧]؛ أي: فعليها.
فمَن لم يجعل تحريمَ الحلال يمينًا -وهو قول مالك والشَّافعي وجماعةٍ- فإنَّه يقول في تأويل قوله:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}: قد بيَّن لكم تحليل ما ملكت أيمانكم، كما قال:{فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ}[الأحزاب: ٣٨]؛ أي: بيَّنه له؛ أي: بيَّن أنَّ إماءكم حلالٌ عليكم، ولا تحرُم عليكم بيمينكم.
وعن جعفر بن بَرْقان قال: قلْتُ لميمون بن مِهْرانَ: أرأيْتَ قوله: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، أتقول: قد أحللْتُ لكم ما ملكَتْ أيمانُكُم، أم تقول: قد فرضْتُ عليكم
= ورواه مختصرًا الطبراني في "المعجم الكبير" (١١٢٢٧). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٢٧): رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. وعزاه أبن حجر في "فتح الباري" (١٢/ ٣٤٣) إلى الطبراني وابن مردويه من طريق أبي عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وقال: ورواته موثقون إلا أن أبا عامر وهم في قوله: سودة، وذكر فيه حديث عائشة. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٢١٣) إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه.