ثمَّ وصفَ الأزواجَ فقالَ:{وَحُورٌ عِينٌ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ: {وحورٍ عينٍ} خفضًا (١)؛ ليتَّفق إعراب الكلمات المذكورة بعضِها على إثرِ بعضٍ، ويكون خفضُه على الجوارِ كما في قولِهم: جحرُ ضبٍّ خربٍ، و: ماءُ شنٍّ باردٍ، أو على إضمارِ فعلٍ آخر يلائمُه، وهو: ويُكْرَمُونَ بحورٍ عينٍ.
وكذا قالوا في قولِه:{وَفَاكِهَةٍ}{وَلَحْمِ طَيْرٍ}؛ لأنَّه قَلَّ ما يُطافُ بها، وإنْ تُصُوِّرَ فيهما، ولا يكون ذلك في حورٍ عينٍ، ولا وجهَ إلَّا ما قْلنا.
والحورُ: جمع حَوراء، وهي الشَّديدةُ بياضِ العين، والشَّديدةُ سوادِها.
والعِيْنُ: جمع عَيناء، وهي الواسعةُ العينِ، الحسنةُ العين.
قالت أمُّ سلمة رضي اللَّه عنها: يا رسولَ اللَّهِ، أخبرْنِي عن قولِ اللَّهِ تعالى:{كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} فقال: "كصفاءِ الدُّرِّ في الأصدافِ قبلَ أنْ تمسَّهُ الأيدي"(٢).
قالوا: وذلك قبلَ أن يقع عليه الغُبارُ أحسنُ ما يكون في بياضِ لونِه وصفائِه ونورِه.
{جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}: أي: في الدُّنيا مِن الصَّالحات، فما جزاءُ الإحسانِ إلَّا الإحسان.
(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٢٢)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠٧). (٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٠٤)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٣/ ٣٦٨). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١١٩): فيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي.