إنَّا نخشى عليكَ منهم، وإنَّا نريدُ رجلًا له عشيرةٌ يمنعونه، فقال: دَعُوني، فإنَّ اللَّهَ سيمنعُني، ثم قام عند المقام، فقال:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} رافِعًا بها صوتَه وقريشٌ في أَنْدِيَتِها، فقال: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ}، فتأمَّلوا وقالوا: ما يقولُ ابنُ أُمِّ عبدٍ؟ ثم قاموا إليه، فجعَلوا يضربونه وهو يقرأُ حتى بلَغَ منها إلى ما شاءَ اللَّهُ تعالى، ثم انصرَفَ إلى أصحابه وقد أثَّروا في وجهه، فقالوا: هذا الذي خَشِينا عليكَ (١).
{عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}: أي: الكلامَ الذي يَتبَيَّنُ به ما في قلبه، وما يحتاجُ إليه مِن أُمورِ دُنْياه ودِينه، ويدخُلُ في البيان: الكتابةُ، والإشارةُ، وما يقَعُ به الدِّلالةُ، وهو امتنانٌ منه على العباد بتعليم اللُّغاتِ المُخْتَلِفَة، ووجوهِ الكلامِ المُتَفَرِّقَة.
وقيل:{الْبَيَانَ}: إخراجُ شيءٍ عن حيِّزِ الإشْكال (٢) إلى حَيِّزِ التَّجَلِّي.
(١) ذكره من الطريق المذكور الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٧٦). ورواه ابن إسحاق في "السيرة" (ص: ١٨٦)، والإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (١٥٣٥) من طريق يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه، وهو مرسل من كلا الطريقين. (٢) في (ر): "الإمكان". والمثبت من باقي النسخ وهو الموافق لما في كتب الأصول وغيرها. وجاء في "الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية" للطوفي (ص: ٦١٤): (من حيز الخفاء)، ولعله شرح لكلمة (الإشكال).