وقال الحسن: الدُّخانُ لم يَمْضِ (١)، وإنما هو (٢) مِن أشراطِ الساعة والبَطْشَةِ الكبرى يوم القيامة.
وعن علي رضي اللَّه عنه قال: لم يَمْضِ الدُّخان، وإنه يكون يوم القيامة يُفَرَّقُ به بين المؤمن والكافر (٣).
وعلى هذا معنى الآيات: فانتظِرْ يا محمد، ودَعْهُم ولَعِبَهم، فإنَّ بين أيديهم يومًا يأتيهم فيه العذابُ فيتوبون فلا تُقْبَلُ توبتُهم، وذلك إذا أتى الدُّخانُ، فيقولون:{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ}، ولا يُقبَلُ إيمانُهم؛ لأنَّه حالَ بَأْسٍ {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى} كما قال: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}[الفجر: ٢٣]{إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا}؛ أي: يزولُ هذا الدُّخانُ، وينكشِفُ عنهم العذابُ مُدَّةً {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} إلى عذابٍ أكبرَ منه {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى}: يومَ القيامة.
وأكثرُ أهلِ العلم على هذا، والأوَّلُ قولُ ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
وقد روى الأَعْمَشُ عن مسلمٍ عن مسروقٍ قال: كان رجلٌ في المسجد يُحَدِّثُ، فقال فيما يقول:{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}؛ إذا كان يومُ القيامة يكون دخانٌ يأخذُ (٤) بأسماع المنافقين (٥) وأبصارِهم، ويأخذُ المؤمنين منه كهيئة الزُّكام، قال:
= عن ابن عمر رضي اللَّه عنه. وعزاه الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٩/ ١٩٩) إلى علي وأبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنهما والحسن. (١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (٢١/ ١٩). (٢) في (أ): "وإنه". (٣) لم أقف عليه. (٤) في (أ) و (ف): "آخذ". (٥) في (ر) و (ف): "الكافرين والمنافقين".