قال مقاتل: نزلت في عقبةَ بن أبي مُعيطٍ -لعنه اللَّه- قال: إن ما يقوله محمد شعر، فأنزل اللَّه هذه الآية {وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} أن يقول الشعر (١)، ولو كان شاعرًا لدخلت الشبهة على كثير من الناس في أمره أنه إنما يقدر على مثل هذا الكلام لأنه شاعر صناعتُه نظمُ الكلام.
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ}: أي: ما القرآن إلا ذكر ذكَركم اللَّه به، وقيل: شرفٌ لكم لأنه بلسانكم.
{وَقُرْآنٌ}: أي: وكتاب يقرأ {مُبِينٌ} ما تحتاجون إليه.
{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا}: أي: ليخوِّف مَن كان حيَّ القلب؛ أي: هو الذي يَنتفع به.
{وَيَحِقَّ الْقَوْلُ}: أي: وليتحقَّق وعيدُ اللَّه بالعذاب {عَلَى الْكَافِرِينَ}. وسئلت عائشة رضي اللَّه عنها: هل كان رسول اللَّه {عَلَى الْكَافِرِينَ} يتمثَّلُ بشيء من الشعر؟ فقالت: كان الشعر أبغضَ الحديث إليه، ولم يتمثل بشيء من الشعر إلا ببيت طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنتَ جاهلًا... ويأتيك بالأخبارِ مَن لم تزوِّدِ
فجعل يقول:"ويأتيك مَن لم تزوِّدْ بالأخبار"، فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: ليس هكذا يا رسول اللَّه، فقال:"إني لستُ بشاعرٍ ولا ينبغي لي"(٢).
* * *
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٥٨٤). (٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٤٩٦)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ٤٨٠).