يتبيَّن المردود من المقبول، والمهجورُ من الموصول، والذَّميم من الرضيِّ (١)، والعدوُّ من الولي، فكم من بَهجةٍ دامت (٢) هنالك، وكم من مُهجةٍ ذابت عند ذلك (٣).
وقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ}: أي: أولم يتبين لهم إهلاكُنا القرونَ من قبلهم فيتَّعظوا أو يرتدِعوا عن الشرك.
{يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ}: أي: يمشي هؤلاء في مساكن المهلَكين في أسفارهم، وهي بلاد قوم صالح وشعيب ولوط؛ كما قال:{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ}[الصافات: ١٣٧] وقال تعالى: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ}[الحجر: ٧٩].
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ}: أي: مَن فعَل فعلَهم جُزي جزاءهم {أَفَلَا يَسْمَعُونَ} ما يوعظون به فيتعظوا به.
وقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا}: أي: أولم يرَ هؤلاء المكذِّبون بالبعث {أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ} وهو المطر {إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ}؛ أي: اليابسةِ التي لا نبات فيها، انقطع ذلك لانقطاع الأمطار، وهو من قولهم: سيف جُراز؛ أي: قطَّاع.
(١) في (ف): "والدميم من الوضي". (٢) في (أ): "بهجة دامت" بدل من "مهجة هامت". (٣) انظر: "لطائف الإشارات": (٣/ ١٤٦ - ١٤٧).