وقوله تعالى:{أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}: هو تفصيل قوله: {لَا يَسْتَوُونَ}، فإن المؤمنين في جنات المأوى ناعمون.
{نُزُلًا}؛ أي: رزقًا وعطاءً لهم بأعمالهم الصالحة.
{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}: أي: إذا رفعهم لهب النار إلى أعلاها رُدُّوا إلى مواضعهم فيها بضرب الزبانيةِ إياهم بمقامع الحديد، قاله الحسن (١).
{وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}: أي: وتقول لهم خزنة النار: قاسُوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون، والتذكير راجعٌ إلى العذاب، وإن جعل راجعًا إلى النار فلأن تأنيثها ليس بلفظيٍّ ولا حقيقيٍّ، فيجوز التذكير فيه للَفْظه.
وقوله تعالى:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ}: أي: هؤلاء الفساقَ {مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى}؛ أي: العذاب في الدنيا من القتل والسبي، وقيل: هو يوم بدر.
= لكن نقل ابن عطية عن الزجاج [في "معاني القرآن" (٤/ ٢٠٨)] وغيره أنها نزلت في علي وعقبة بن أبي معيط، قال: وعلى هذا يلزم أن تكون الآية مكية؛ لأن عقبة لم يكن بالمدينة وإنما قتل في طريق مكة منصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من بدر. (١) ذكره عن الحسنِ. يحيى بنُ سلام في "تفسيره" (١/ ٣٦٠)، والزمخشري في "الكشاف" (٣/ ١٥٠). ورواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٤٩٨) عن أبي ظبيان.