{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ}: أي: الشعراءَ {فِي كُلِّ وَادٍ}: في كل طريق من الكلام {يَهِيمُونَ}: يمضون على وجوههم حائرين عن القصد؛ من مدحٍ بكذبٍ، وهجاءٍ بباطل، وإخبارٍ على غير تثبُّت.
{وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}: يكذِبون في الوعد والوعيد، والمدحِ والذمِّ، والتفاخُرِ بالقبائل، وهذا في شعراء الجاهلية: عبدِ اللَّه بن الزِّبَعْرَى المخزوميِّ، وهبيرةَ بن أبي وَهْبٍ، ومسافعِ بن عبد منافٍ، وعمرِو بن عبد اللَّه أبي عزَّةَ، وأميةَ بن أبي الصلت، كانوا يهجون النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ويذمُّون الإسلامَ، ويحرِّضون على الشرك وعبادة الأصنام.
وقال عبد اللَّه بن رواحة: لما نزلت هذه الآية لقد خشيت أن أموت على هذا، فنزل قوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية (١)، فاستثنى شعراء أهل (٢) الإسلام، وهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد اللَّه بن رواحة وجماعةٌ من الصحابة كانوا ينشدون (٣) الأشعار وغيرَ ذلك.
{وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}: في الشعر وغير الشعر {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}؛ أي: أجابوا شعراء الجاهلية الذين هجَوهم بشعرٍ قالوه في هجائهم، فهؤلاء مستثنَون من
(١) رواه بنحوه ابن سعد في "الطبقات" (٣/ ٥٢٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٨٣٤). (٢) "أهل" ليست في (ر). (٣) في (أ): "ينشئون".