وقوله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}: أي: لا تجعلوا دعاءه إياكم كدعاء واحدٍ منكم غيرَه إلى أمرٍ، فتستجيزوا التخلُّفَ عنه أو الانصرافَ بعد المجيء بغيرِ إذن، فإنه أمرٌ حَتْمٌ ولا يجوز خلافُه.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: لا تجعلوا دعاء الرسول عليكم إذا أسخطتُموه (١) كدعاء غيره؛ لأن دعاءه مستجابٌ لا محالة (٢).
وقال جماعة من المفسرين: لا تجعلوا دعاءكم الرسولَ كدعاء بعضِكم بعضًا، فتدعوه باسمه: يا محمد، أو ترفعوا عليه الصوت، بل ادْعُوه بتعظيمٍ وخفضِ صوتٍ ولِينٍ، قال اللَّه تعالى:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}[الحجرات: ٢]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}[الحجرات: ٤]، والقصة تذكرُ في سورة الحجرات إن شاء اللَّه تعالى.
وقوله تعالى:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ}: أي: ينتزِعون (٣) ويُخرجون أنفسهم {مِنْكُمْ}؛ أي: من بينكم أيها المؤمنون.
وقوله تعالى:{لِوَاذًا}: أي: مُلاوَذةً، وهي التستُّر بشيءٍ مخافة أن يراه أحد، وقيل: نفارًا (٤)، وقيل: تباعُدًا، وقيل: رَوَغانا.
(١) في (ر): "استخصمتموه". (٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٣٨٨). (٣) في (ر) و (ف): "يسرعون". (٤) في (ر) و (ف): "ويقال نفاذًا".