الناس، دون مَن كان في رجوعه خطرُ ضررٍ؛ لأنَّا نعلم أنه لا يأذن إلا لمن هذا وصفُه فحملناه على هذا.
وقوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ}: أي: وادْعُ لهم بالمغفرة لسالفِ ذنوبهم وتقصيرهم جزاءً لهم على إجابتهم لك، كما قال:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} ثم قال {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ١٠٣].
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: يغفر لمن استغفرتَ له ويرحمُه.
نزلت الآية يوم الخندق، وكان المنافقون يرجعون إلى منازلهم من غيرِ استئذان، فنزلت الآية (١).
وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ}: نزلت في عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه؛ استأذن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرجوع إلى أهله في غزوةٍ، فأَذِن (٢) له وقال: "ارجع فلستَ بمنافقٍ" فعيَّره المنافقون، فنزلت الآية (٣).
وهذا خلافُ قوله في سورة براءة:{إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[التوبة: ٤٥]، ذاك في حقِّ المنافقين، وكان استئذانهم نفاقًا من غيرِ عذرٍ.
* * *
(١) رواه البيهقي في "الدلائل" (٣/ ٤٠٨ - ٤٠٩) من طريق ابن إسحاق عن يزيد بن رومان، وعن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب، وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢١٦). (٢) في (ر) و (ف): "فما أذن"، وهو خطأ مخالف للخبر. (٣) ذكره مقاتل في "تفسيره" (٣/ ٢١٠)، والماوردي في "النكت والعيون" (٤/ ٢٧)، والواحدي في "البسيط" (١٦/ ٣٨٦). وقوله: "فعيره المنافقون" الضمير للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي المصادر بدلًا منه: (وكان المنافقون إذا استأذنوا نظر إليهم ولم يأذن لهم، فكان بعضهم يقول لبعض: محمدٌ يزعم أنه بُعِث بالعدل وهكذا يصنع بنا).