قال أبو العالية: بلغني أن اللَّه تعالى لمَّا خلق الجنة أذِن لها في الكلام، فكان أولَ ما نطقت به أن قالت: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} الآيات، فأنزل اللَّه تعالى بها (١) قرآنًا (٢).
وقال عمر رضي اللَّه عنه: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا نزل عليه الوحي سُمع عند وجهه دويٌّ كدوي النحل، فمكثنا ساعةً، فاستقبل القبلةَ ورفع يديه وقال:"اللهمَّ زِدْنا ولا تَنْقُصنا، وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأعطنا ولا تَحْرِمنا، وآثِرْنا ولا تُؤْثِرْ علينا، وأَرْضِنا وارْضَ عنا" ثم قال: "قد نزلت عليَّ عشر آياتٍ مَن أقامهنَّ دخل الجنة"، ثم قرأ علينا:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {خَالِدُونَ}(٣).
وعن ابن سيرين قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة يرفع رأسه إلى السماء، حتى نزلت هذه الآية:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} فخفض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بصره، ونظر إلى موضع سجوده (٤).
(١) في (ف): "فأنزلها اللَّه" بدل من "فأنزل اللَّه تعالى بها". (٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٦)، بلفظ: لما خلق اللَّه الجنة قال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} فأنزل به قرآنًا. (٣) رواه الترمذي (٣١٧٣)، والنسائي في "الكبرى" (١٤٤٣)، والحاكم في "المستدرك" (١٩٦١). قال النسائي: هذا حديث منكر، لا نعلم أحدًا رواه غير يونس بن سُليم، ويونس بن سُليم لا نعرفه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله: سئل عبد الرزاق عن شيخه ذا (يعني يونس بن سليم) فقال: أظنه لا شيء. (٤) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٤٨٣) من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، وقال: صحيح على شرط الشيخين لولا خلاف فيه على محمد، فقد قيل عنه مرسلًا. وقال الذهبي: الصحيح مرسل. والمرسل رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٣٢٦١)، وأبو داود في "المراسيل" (٤٥)، والطبري في "تفسيره" (١٧/ ٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٨٣) وقال: هذا هو المحفوظ مرسل.