يقول: إنَّ تأويل رؤياك ظاهرٌ لا يخفى عليهم، فلا يؤمَنُ أن يحملَهم ذلك على أن يبغوا لك الغوائل ويُخفوا لك الحيل، ويدعوهم إلى ذلك الشَّيطانُ، وذلك قوله تعالى:
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}: أي: ظاهرُ العداوةِ ومُظهرُها، وهذا يدلُّ على أنَّ يعقوب كان قد علم من الإخوة حسدًا ليوسفَ، فقال له هذا.
وقال القتبيُّ: الكيدُ: هو الاحتيال للاغتيال (١).
وقيل: هو طلب اتِّصال الشَّرِّ به على غير علمٍ منه.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قوله: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}: بدءُ كلِّ شرٍّ يكون من الشَّيطان، يقذفه في القلوب، ويُخطره في الصُّدور، ثمَّ تكون العزيمة على ذلك والفعل من العبد، وهو ما قال عزَّ وجلَّ:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} الآية [الأعراف: ٢٠٠](٢).
وفي الآية أنَّ الرُّؤيا حقٌّ، وهي من المبشِّرات، وهي جزءٌ من ستَّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوَّة؛ كما رُوي عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال:"الرُّؤيا الصَّادقة جزءٌ من ستَّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوَّة"(٣).
(١) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٢١٢). (٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٢٠٨). (٣) رواه البخاري (٦٩٨٨)، ومسلم (٢٢٦٣)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.