وهؤلاء السبعون غيرُ السبعين الذين قالوا:{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}[البقرة: ٥٥] أولئك أحرقتهم الصاعقة ثم بُعثوا، وهؤلاء أخذتهم الرعدةُ ثم كشفت عنهم.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: لا ندري مَن أولئك السبعون (١).
وقوله تعالى:{قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ}: وقال مقاتل بن سليمان: وبقي موسى يبكي ويقول: يا رب! ما أقولُ لبني إسرائيل إذا رجعتُ إليهم وقد أهلكتَ خيارَهم؟ لو شئتَ أمتَّهم وإياي معهم من قبلِ أن يَصْحَبوني (٢).
وقيل -وهو قول ابن عباس رضي اللَّه عنهما-: {لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ} بما كان منهم وإياي بقتلِ القِبْطي (٣).
وقوله تعالى:{أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} قال ابن عباس ومقاتل رضي اللَّه عنهما: أي: {أَتُهْلِكُنَا} عقوبةً {بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا}؛ أي: الجهَّال، وهم أصحاب العجل، ظنَّ موسى عليه السلام أنهم إنما عذِّبوا باتخاذ بني إسرائيلَ العجلَ (٤).
وإنما قال:{أَتُهْلِكُنَا} على معنى: أن إهلاك (٥) هؤلاء إهلاكٌ لي ولبني إسرائيل لأنهم خِيَارُنا.
وقيل: لا يجوز أن يَظنَّ موسى عليه السلام أن هؤلاء أُهلكوا بفعلِ غيرهم؛ لأنه عَلم أن أحدًا لا يؤاخَذُ بذنبِ غيرِه، وقد بيَّن ذلك في كتابه، قال تعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: ٣٦ - ٣٨]،
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤٩). (٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٦٦). ورواه الطبري (١٠/ ٤٦٨) عن السدي. (٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٨٩) عن وهب، وهو تتمة الخبر الذي تقدم قريبًا عنه. (٤) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٦٦). (٥) في (ف): "هلاك".