[الأنعام: ١٢٤]، وقال تعالى:{بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً}[المدثر: ٥٢] وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} وإنما يُطْلع عليه مَن اختاره لرسالته.
قال: وقيل: إن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء فيَسْترِقون السمع فيأتون (١) بالأخبار إلى الكهنة قبل مبعثِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم الكهنةُ كانوا يخبرون بها الكفرةَ، فقال اللَّه تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} بعد بعث (٢) النبيِّ عليه السلام كما كنتُم تطَّلعون على أخبار السماء قبل بعثه، ولكن اللَّه يختار مِن رسله مَن يشاء فيوحي إليه ذلك (٣).
قوله تعالى:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ}: قرأ حمزة بتاء المخاطبة؛ أي: لا تظنَّنَّ يا محمدُ البخلاءَ، و {الَّذِينَ} نصبٌ لأنه مفعول، وقوله:{هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} هذا بدل عن الأول (٤)، والنهيُ واقع عليه.
وقرأ الباقون:{وَلَا يَحْسَبَنَّ} بياء المغايبة (٥)، وهو نهي مغايبة، و {الَّذِينَ} مرفوع لأنه فاعل.
(١) في (ف): "ويأتون". (٢) في (ف): "مبعث". (٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٥٤١). (٤) وهذا الوجه من الإعراب رده السمين موجبًا كون (هو) ضمير فصل، فقال: (هو) في هذه المسألةِ يتعيَّن فَصْلِيَّتُه؛ لأنَّه لا يخلو: إمَّا أَنْ يكونَ مبتدأً أو بدلًا أو توكيدًا، والأولُ منتفٍ لنصبِ ما بعده وهو {خَيْرًا}، وكذا الثاني لأنه كان يلزمُ أَنْ يوافِقَ ما قبلَه في الإِعرابِ فكان ينبغي أَنْ يُقالَ: إياه، لا (هو)، وكذا الثالثُ لِما تقدَّم. انظر: "الدر المصون" (٣/ ٥١٠)، وانظر ما قيل في إعراب الآية من وجوه ثمة. (٥) انظر: "السبعة" (ص: ٢١٩ - ٢٢٠)، و"التيسير" (ص: ٩٢).