للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}: يجوز أن يكون {الَّذِينَ} مخفوضًا نعتًا لـ {الْمُؤْمِنِينَ}، ويجوز أن يكون مرفوعًا بالابتداء وخبرُه: {للَّذِينَ. . .} إلخ، ويجوز أن يكون منصوبًا على المدح.

وهذا في حقِّ الذين خرجوا إلى غزوة حَمْراء الأسد (١) بعد غزوةِ أحد؛ لأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل المدينة قافلًا من أُحدٍ يومَ السبت، وأَمر يومَ الأحد بطلب العدو، وقال: "رَحِمَ اللَّه مَن (٢) انتَدب، حتى يعلمَ المشركون أنَّا لم نُستأصَلْ، وأنَّ فينا بقيةً" فانتَدبوا وبهم الجراح حتى بلغوا حمراء الأسد ثم انصرفوا وقد فاتهم أبو سفيان وأصحابه (٣) والمشركون وكان المسلمون سبعون رجلًا ونحوها.

ومعنى قوله: {اسْتَجَابُوا لِلَّهِ}؛ أي: أجابوا رسولَ اللَّه في اتِّباع العدو، فإن دعوته بهم (٤) دعوة اللَّه، فكانت إجابته إجابة اللَّه.

قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}: أي: الجَرح في غزوة أحد، وبهم أثر ذلك، فاحتملوه ونَشِطوا في ذلك طلبًا لرضاء اللَّه، وقد رُوي أنه كان فيهم مَن يحملُ صاحبَه عقبةً ويحملُه صاحبُه عقبةً لِمَا به، ومنهم مَن يتوكَّأُ على صاحبه ساعةً، ويتوكأُ عليه صاحبُه ساعةً.

قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}: أي قد أَحسنوا فيما فعلوا واتَّقوا فلهم على ذلك أجرٌ عظيمٌ لا يَعرف مقدارَه إلا اللَّه.


(١) في هامش (أ): "حمراء الأسد هي من المدينة على ثمانية أميال".
(٢) في (ر) و (ف): "رحمة اللَّه على من".
(٣) "وأصحابه" سقط من (أ) و (ف).
(٤) "بهم" من (أ).