وعشيِّها (١)، فإذا كان يومُ القيامة قال اللَّه تعالى لملائكته: ادعوا إليَّ خيرتي مِن خلقي، فيقولون: يا رب! مَن هم؟ فيقول: الشهداء الذين بذلوا دماءهم وأموالهم وأنفسَهم فيَّ، فيمرُّون إلى ربِّ العزة (٢) وسيوفُهم على أعناقهم، فيدخلون مساكنهم في الجنة.
وروى أبو هريرة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سأل جبريل عن قوله تعالى:{فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}[الزمر: ٦٨]: "مَن هؤلاء؟ قال: هم الشهداء، وهم متقلِّدو السيوفِ (٣) حول العرش"(٤).
وقال جابر: يا رسول اللَّه، إن أبي قُتل وترك عليَّ بناتٍ، فقال:"يا جابر، إن اللَّه كلَّم أباك كفاحًا فقال: يا عبد اللَّه سَلْني ما شئتَ، قال: أسألك أن تعيدني إلى الدنيا فأقتلَ فيك ثانيًا، قال: يا عبد اللَّه، إني قضيتُ أنْ لا أُعيد إلى الدنيا خليقةً قبضْتُها، قال: يا ربّ، فمَن يبلِّغُ قومي ما أنا فيه من الكرامة؟ قال: أنا، فأنزل اللَّه هذه الآية"(٥).
وقوله تعالى:{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}: نصب على الحال من {يُرْزَقُونَ}؛ أي: مسرورين.
(١) في (أ): "وعشيتها". (٢) "العزة" ليس في (أ). (٣) في (ر): "متقلدون بالسيوف"، وفي (ف): "متقلدون السيوف". (٤) رواه أبو يعلى في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (٣٧٠٢)، والحاكم في "المستدرك" (٣٠٠٠) وصححه. (٥) رواه الترمذي (٣٠١٠) وحسنه من حديث جابر رضي اللَّه عنه. قوله: كفاحًا؛ أي: مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول. انظر: "النهاية" (مادة: كفح).