وقوله:{وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ}: قيل: هو عطفٌ على الأول؛ أي: وتجد عملَ السُّوء أيضًا مُحضَرًا (١){تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا}؛ أي: بينَ النَّفس {وَبَيْنَهُ}؛ أي: بين ما عملت مِن سوء (٢){أَمَدًا}؛ أي: غايةً {بَعِيدًا} أي: تتمنَّى أنْ تكون مِن هذا العمل في الدنيا ببُعدٍ لا يزولُ أبدًا فلا تقع فيه قطُّ؛ لِمَا ترى مِن عقوبته، فيكون هذا زيادةَ صفةٍ على وجود العمل السَّيِّئ مُحضرًا، وهو تمنِّي أنْ لم يكن منها ذلك.
وقيل: قوله: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} ابتداءٌ، و {تَوَدُّ} إلى آخِره خبرُه.
وقيل: فيه إشارةُ بشارةٍ للمؤمن؛ لأنَّه ذكر أنَّه يجد الخيرَ مُحضرًا، وهو كائنٌ لا محالةَ، ولم يذكر إحضارَ الشَّرِّ في حقِّ المؤمن؛ لأنَّ منه ما يُغفر فلا يُحضر، قال تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ}[الأحقاف: ١٦] فأمَّا الكافرُ فلا يُغفَر له شيءٌ، والعموم في حقِّه، قال تعالى (٣): {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا}[الكهف: ٤٩].
(١) بعدها في (ر) و (ف): "قوله تعالى". (٢) بعدها في (ر) و (ف): "وقوله تعالى". (٣) "قال تعالى" لم يرد في (ف). (٤) في (أ) و (ف): "أعاد هذا". (٥) "ونظيره بشر المذنبين وأنذر الصِّديقين" لم يرد في (أ)، وليس في مطبوع "اللطائف".