السهو والنسيان، فكذلك ; لأن ذلك غفلة, والنبي -صلى الله عليه وسلم- منزه عن ذلك, بل شغله في (١) الصلاة ما في الصلاة، ممّا تجلى عليه من مطالعة لنعوت العزة والعظمة والجلال, ولذلك قال:«جعلت قرة عيني في الصلاة»(٢)؛ من حيث كانت محل المشاهدة, حكاه القاضي أبو بكر في «المسالك» عن بعض أهل التصوف.
قال ابن بزيزة: وهذا (٣) باطل بنص قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون, فإذا نسيت، فذكروني»(٤)، ومن ألفاظ العلماء: النسيان ليس ببدع في الإنسان.
سمعت بعض شيوخنا -رحمهم الله- يحكي: أن خطيب بغداد فرغ من الخطبة يوم الجمعة, والخليفة تحته, ونسي أن يدعو له على ما جرت به عادتهم المبتدعة في ذلك, وعزم على (٥) النزول إلى الصلاة، فتذكر، فعاد, فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, والنسيان ليس ببدع في الإنسان, وأول ناس أول الناس, قال الله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا
(١) في "خ": "عن". (٢) رواه النسائي (٣٩٤٠)، كتاب: عشرة النساء، باب: حب النساء، وغيره عن أنس - رضي الله عنه - بإسناد صحيح. (٣) في "خ": "وهو". (٤) رواه البخاري (٣٩٢)، كتاب: أبواب القبلة، باب: التوجه إلى القبلة حيث كان، ومسلم (٥٧٢)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -. (٥) في "خ": "إلى".