وفي (١) بعض طرق حديث أبي هريرة: «كل ذلك لم يكن»(٢)، وفي لفظ آخر:«ما قصرت الصلاة، ولا نسيت»(٣): تكلم فيه العلماء ; لأن المعلوم أن بعضه قد كان، فقال بعضهم: إنه -عليه الصلاة والسلام- إنما أخبر عن اعتقاده, والمعنى: كل ذلك لم يكن عن اعتقادي وظني , وقدره بعضهم: في علمي، وهو مجاز; إذ العلم مطابق للمعلوم، وهو هنا (٤) غير مطابق.
وقال بعضهم: وهو من باب المفهوم، فلما قال له ذو اليدين:«أقصرت الصلاة، أم نسيت ?» قال له: «كل ذلك لم يكن»، والمفهوم منه: أن بعضه كان, وهو النسيان, وهذا غير متوجه عندنا ; لأن لفظ ذي اليدين لا يقتضي مجموع الأمرين، إنما معناه: السؤال عن أحدهما، لا بعينه بدليل حرف المعادلة، وهو (أم).
وقال بعضهم: ما قصرت الصلاة، وما نسيتُ، وإنما سلمت عامدا بانيا على اعتقاد الإكمال، ويرجع إلى الأول.
وقال بعضهم: هو على ظاهره لا يحتاج إلى تأويل ; لأن القصر والنسيان لم يكن واحد منهما, أما القصر، فظاهر أنه لم يكن، وأما
(١) في "ق": "ومن". (٢) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (٥٧٣/ ٩٩). (٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٧٧)، وابن حبان في "صحيحه" (٢٦٨٨)، وغيرهما. (٤) في "ق": "هاهنا".