إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥]، ثم دعا للخليفة، ونزل إلى الصلاة, هذا، أو نحوه.
قال ابن بزيزة: ويحتمل عندي: أن يكون قوله -عليه الصلاة والسلام-: «كل ذلك لم يكن»؛ نفيا لهما معا، على معنى: أن القصر لم يقع, وأنه لم ينس، بل نسَيَ، فعدل عن إضافة النسيان إليه, ويبينه قوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا يقل أحدكم: نسيت آية كذا وكذا, وليقل: أُنسيتُها»(١)، قال: وله عندنا حكمتان:
إحداهما: إظهار قانون التوحيد حتى يتبين للخاص والعام: أن الأشخاص قوالب وأشباح تجري عليهم أحكام القدرة, فليس لهم من أنفسهم شيء، سيما (٢) أن النسيان بخصوصه (٣) معناه لا (٤) يكون مفعولا للإنسان.
الحكمة الثانية: الخروج من الدخول تحت مقتضى قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا}[طه: ١٢٦]، فأراد (٥) -عليه الصلاة
(١) رواه البخاري (٤٧٤٤)، كتاب: فضائل القرآن، باب: استذكار القرآن وتعاهده، ومسلم (٧٩٠)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضائل القرآن وما يتعلق به، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ: "بئسما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل نُسِّي". (٢) في "ق": "يسمى". (٣) في "ق": "تخصصه". (٤) "لا" زيادة من "ق". (٥) في "ق" زيادة: "وكذلك".