ذلك ويسمى ذلك وضوءا. كما قال معاذ: كنا نسمي ذلك وضوءا (١)، بالدلائل التي ذكرناها.
فإن تعسف منهم متعسف بقياس يذكره فيقول: يجوز الوضوء بالماء الذي فيه تمر قليل، طبخ طبخا لم يتغير فكذلك إذا تغير بعلة أنه ماء طبخ فيه تمر فلم يمنع من استعماله عند عدم الماء.
أو يقول: هو مائع يسمى طهورا مائع يسمى طهورا في الشريعة، يدل عليه قوله ﷺ في حديث ابن مسعود:"هو شراب طهور"(٢)، وإذا سمي طهورا في الشريعة أشبه الماء.
قيل: أول ما في هذا أن صاحب هذه المقالة يعترف بأنه مخالف للقياس في هذه المسألة، وإنما يحتج بالخبر، وقد قال بعض شيوخهم (٣) في شرحه مختصر الطحاوي: إن القياس يمنع - عند أبي حنيفة من جواز التوضؤ بالنبيذ (٤)(١٥٠) لاتفاق فقهاء الأمصار على الامتناع من جوازه بالخل والمرق.
وأيضا فهو منتقض به إذا لم يذهب ثلثاه.
وقوله:"هو مائع يسمى طهورا" فإننا لا نسلم له ذلك، وقد قلنا: إن قول النبي ﷺ - إن صح ذلك عنه - ينصرف إلى الماء الذي فيه تمر لم يمنع فيه ولا غيره، وإلا فطهور - عندنا - لا يسمى به غير الماء المطلق.
(١) تقدم تخريجه (٢/ ٤٥٤). (٢) تقدم تخريجه (٣/ ٧). (٣) يقصد أبا بكر الجصاص، وقد سبق أن نقل عنه من شرحه لمختصر الطحاوي. (٤) وذكر ذلك أيضا الكاساني في البدائع (١/ ١٦٥ - ١٦٦).