وقولكم:"يجوز أن يكون يسيرا" باطل بما رويناه؛ لأن الراوي لا يخبر بسيلان الدم إلا وقد ظهر على الجرح.
وأيضا ما رواه أنس "أن رسول الله ﷺ احتجم فلم يزد على أن غسل أثر محاجمه (١)، وصلى ولم يتوضأ"(٢).
وهذا نص في موضع الخلاف (٣).
فإن قيل: هذه حكاية عن فعلة كانت منه ﷺ، فيجوز أن يكون حصل شرط المحاجم ولم يسل الدم.
قيل: هذا باطل بقوله: "وغسل أثر المحاجم"، وإنما غسل الدم، ولو لم يسل لما احتاج (١٠٨) إلى غسله.
على أن هذا دفع المشاهدات في الحجامة.
وأيضا ما رواه ثوبان عن النبي ﷺ أنه كان صائما في غير رمضان، فأصابه غم آذاه، فقاء، ثم دعاني بوضوء، فسكبت له وضوءا، فتوضأ ثم أفطر، فقلت: يا رسول الله! الوضوء من القيء واجب؟. فقال: "لو كان واجبا
(١) المحاجم: جمع مَحجَم، وهي موضع الحجامة، أي مخرج الدم. اللسان (حجم). (٢) أخرجه الدارقطني (١/ ١٥١) والبيهقي (١/ ٢٢١) وضعفه الدارقطني. تنبيه: قال الشيخ العظيم آبادي في التعليق المغني (١/ ١٥١ - ١٥٢): "وادعى ابن العربي أن الدارقطني صححه، وليس كذلك، بل قال البيهقي في الخلافيات: نا أبو عبد الله الحاكم: سألت الدارقطني عن صالح بن مقاتل بن صالح فقال: يحدث عن أبيه، ليس بالقوي". قلت: ونقل تضعيف الدارقطني أيضا الزيلعي في نصب الراية (١/ ٤٣). (٣) لكن أكثر ما فيه أنه لم يشاهده يتوضأ، فيجوز أن يكون توضأ بغير حضرته. كذا في التجريد (١/ ١٩٨) وفيه نظر؛ لأن الراوي يحكي ما حصل متتابعا، والأولى أن يجاب عنه بأنه ضعيف.