وعلل تعليلا يدخل فيه المضطجع وغير المضطجع من الراكع والساجد؛ لأنَّه قال:"فإذا نام مضطجعا استرخت مفاصله"(١)، كما نص على الأشياء الستة في الربا (٢)، ونبه على غيرها مما هو في معناها.
فإن قيل: هذه العلة لا توجد في الراكع والساجد من طريق المشاهدة؛ لأنَّه مجتمع يثبت، ولو استرخت مفاصله لم يثبت، وكان يسقط ويزول عن حالته في نومه.
قيل: مفاصله تسترخي (١٠٥) لا محالة، فإن زاد عليه سقط، وليس هو بأكثر حالة من القاعد المتمكن من الأرض، ثم إذا نام القاعد واستثقل سقط.
فإن قيل: لا يجوز أن يكون هذا التعليل عاما في المضطجع، والساجد، والراكع؛ لأن عمومه يسقط لفظ الخبر؛ لأن النبي ﷺ نام وهو ساجد، فلو كان الوضوء واجبا على الساجد بتعليله لسقط قوله:"إنما الوضوء على من نام مضطجعا"(٣).
قيل: إن تعليله ﷺ عام فينا، ولا يدخل فيه ﷺ؛ لأنَّه محروس من أن تسترخي مفاصله؛ لأنَّه لا ينام قلبه، وإنما تنام عيناه.
على أن هذا لا فائدة فيه لأصحاب أبي حنيفة؛ لأنهم يقولون: إنه لا ينتقض وضوؤه أيضا في غير الصلاة.
وأما حديث حذيفة فلا حجة لهم فيه؛ لأن النبي ﷺ قال: "لا وضوء
(١) انظر التجريد (١/ ١٦٧). (٢) أخرجه مسلم (١٥٨١/ ٨٢). (٣) تقدم تخريجه (٢/ ٣٧٢).