وأما حديث جابر وقول النبي ﷺ:"إذا استجمر" فليس فيه أيضا: "استجمروا"(١)، وإنما هو إذا فعل، فليس يدل على وجوب الاستجمار.
وقوله:"فليستجمر ثلاثا" يصير الكلام في العدد، ونحن نتكلم عليه بعد هذا.
وقولهم: إنه قد قيد فيه النجاسة بالعدد، فصار كالولوغ ودم الحيض.
فإنا نقول: ليس غسل الوضوء -عندنا- لنجس، ولا هو واجب أيضا، والكلام يجيء عليه في موضعه.
وأما دم الحيض فليست إزالته -عندنا- فرضا، ولا فيه عدد، ونحن نتكلم في إزالة الأنجاس عند الفراغ من عين هذه المسألة.
فإن قيل: فإنها نجاسة لا تلحقه المشقة في إزالتها غالبا، فوجب أن تجب عليه إزالتها، أصله إذا كانت النجاسة من الدم كثيرة (٢)، أو كانت في غير هذا الموضع.
قيل: لا يلزم من وجهين:
أحدهما: أن إزالة النجاسة ليست -عندنا- فرضا في المواضع (٧٣) كلها.
والوجه الآخر: أنه ينتقض بأثر الاستنجاء [هو نجاسة](٣) لا تلحقه
(١) ورد ما يدل على الأمر وهو ما أخرجه أبو داود (٤٠) والنسائي (٤٤) بإسناد صحيح عن عائشة مرفوعا: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط؛ فليذهب معه بثلاثة أحجار، فليستطب بها فإنه تجزئ عنه". فقوله: "فليذهب صريح في الأمر، وكذا قوله: "فليستطب". (٢) انظر التجريد (١/ ١٥٨). (٣) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.