والثاني: أنه أمر بالتشريق والتغريب، وأمره على الوجوب (١).
والثالث: أن أبا أيوب حيث قدم الشام، وجدهم يستقبلون القبلة، فانحرف عن مجالسهم، فدل على أن النهي متوجه إلى البنيان.
والحديث الآخر: وهو ما رواه أبو صالح عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "إنما أنا لكم مثل الوالد، فإذا ذهب أحدكم لغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لغائط أو بول، وليستنج بثلاثة أحجار، ونهى عن الروث والرمة، وأن يستنجي الرجل بيمينه"(٢).
فنهى ﷺ عن الاستقبال والاستدبار، ولم يفرق بين الصحاري والبنيان.
وأيضا ما روي عن سلمان أنه قال:"نهانا رسول الله ﷺ أن نستقبل القبلة لغائط أو بول"(٣).
وروى معقل بن أبي معقل الأسدي "أن النبي ﷺ نهى عن استقبال القبلتين (٤) -هى الكعبة وبيت المقدس-"؛ لأنه إذا استقبل بيت المقدس بالمدينة استدبر الكعبة.
(١) انظر ما تقدم في المقدمة. (٢) أخرجه أبو داود (٨) وابن ماجه (٣١٣) وأحمد (٢/ ٢٥٠) وإسناده صحيح، ورواه مسلم مختصرا (٢٦٥/ ٦٠) بلفظ: "إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها". وقوله: "ونهى عن الروث والرمة"، الروث رجيع ذوات الحافر، والرمة العظم البالي. انظر اللسان (رجع) وغريب الحديث لأبي عبيد (٣/ ٢٤٠ - ٢٤١) النهاية (٣٨٠). (٣) رواه مسلم (٢٦٢/ ٥٧). (٤) أخرجه أبو داود (١٠) وابن ماجه (٣١٩) وأحمد (٤/ ٢١٠) وضعفه الحافظ في الفتح (١/ ٤١٠).