وأما الشرع فإنه روي أن النبي ﷺ سمع رجلًا يقول: من أطاع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال له النبي ﷺ:"بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى"(٢).
فلما لم يرتب الرجل ذكر النبي ﷺ على ذكر الله تعالى نهاه عنه، وأمره أن يرتب ذكر النبي ﷺ على ذكر الله - تعالى - فقال:"قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى"، فدل على أن الواو للترتيب؛ إذ لو لم تكن للترتيب لكان معنى الجمع الذي نهاه عنه موجودًا في قوله:"ومن يعص الله ورسوله"(٣).
وقد روي أنه قيل لابن عباس: إنك تقدم العمرة على الحج، والله تعالى قدم الحج على العمرة فقال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ﴾ (٤)، فقال: كما قدمتم الدين على الوصية، والله تعالى قدم الوصية [على الدَّين](٥).
فسلم ابن عباس للقوم أن تقديم ذكر الحج على العمرة يقتضي تقديم فعله عليهما، ولكن ذكر أنه تركه لدلالة قامت له، كما تركوا ذلك لدلالة
(١) انظر الطهور له (٣٥٤ - ٣٥٥)، وقصّر المحقق فأحال على الأوسط. (٢) أخرجه مسلم (٨٧٠/ ٤٨). (٣) نحوه للبيهقي في الخلافيات (١/ ٤٧٦ - ٤٧٧). (٤) سورة البقرة، الآية (١٩٦). (٥) زيادة ليست في الأصل، وبها يتضح المعنى. والحديث أخرجه الشافعي في الأم (٥/ ٢١٨) والبيهقي في الكبرى (٦/ ٤٣٨) وفي المعرفة (٥/ ٨٩) وهو على شرط الشيخين؛ فإن هشام بن حجير أخرج له البخاري في الصحيح، وقال فيه ابن حجر في التقريب (٥٧٢): صدوق له أوهام.