لأنها بالعضل تصير كأنها لا ولي لها، وإنما يحصل العضل إذا كان قال كل واحد: لا أزوج أنا؛ فزوج أنت؛ فإن السلطان هاهنا يزوجها لوجود العضل، فأما إذا قال كل واحد منهم: أنا أزوج؛ فليس هاهنا عضل، فلا يزوجها السلطان، ولكن يُقرع بينهم إن كانوا متساوين، أو من سبق منهم بعقد مضى عقده، أو تختار المرأة منهم من تريده.
فإن قيل: هذا الخبر وارد في الأمة، بدلالة ما روي في الحديث:"أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها؛ فنكاحها باطل"(١).
قيل: فهذه الرواية لا تمنع روايتنا فنقول قوله "بإذن مواليها" محمول على الإماء، وقوله "بغير وليها" محمول على الحرة.
فإن قيل: هذا الخبر دلالة لنا من وجه دليل الخطاب؛ لأن رسول الله ﷺ قال:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها؛ فنكاحها باطل"(٢)، فدل على أنها إذا نكحت بإذن وليها؛ صح النكاح، وأنتم تقولون:[هو](٣) باطل، فإذا ثبت صحة العقد بإذن الولي؛ ثبت صحته بغير إذنه بالإجماع؛ لأنه لا أحد يفرق بينهما، وكل من قال: يصح بإذن الولي؛ قال: يصح بغير إذن وليه، وكل من قال: لا يصح بإذنه؛ قال: لا يصح بغير ولي.
قيل: إن هذا السؤال لا يصح على مذهبكم؛ لأنكم لا تقولون بدليل
(١) أخرجه أحمد (٦/ ١٦٦) وأبو داود (٢٠٨٣) وأشار البيهقي (٧/ ١٦٩) إلى أن هذه رواية عبد الرزاق، وراجعت مصنفه فلم أجدها، وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (٨/ ٢٥٩) بالشك "وليها أو مواليها". (٢) تقدم تخريجه (٥/ ٣٠٨). (٣) في الأصل: هي.