حينئذ عن الاعتبار لما جاء النص، فلم يلزمنا ما قالوا؛ لأنا لم ندع نصا في عبدة الأوثان، وإنما اعتبرنا حالهم بحال غيرهم من المشركين، وكان المعنى في توقف عمر ﵁ ما ذكرناه.
وأما قريش؛ فإن النبي ﷺ لم يؤمر بأن يعمل في أموالهم إلا أن يسلموا أو يُقتلوا، فلذلك كان ترك دعائهم إلى إعطاء الجزية، ألا تراه في غيرهم لم يميز بين أهل الكتاب وعبدة الأوثان لما قال:"ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإن أجابوا وإلا فالجزية، فإن أجابوا وإلا فقاتلهم"(١) على ما بينا.
وأما قياسهم؛ فمنتقض بالمجوس.
فإن قيل: فهم أهل الكتاب.
قيل: كيف يدعى هذا وأصحاب رسول الله ﷺ قد أجمعوا على خلافه بدلالة قول عمر ﵁: ما أدري ما أصنع بالمجوس، وشاور الصحابة في ذلك (٢)، فلو كانوا أهل الكتاب؛ لقيل له فقد قال الله تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ (٣)، ولكان لا يذهب عليهم وعليه ذلك، وإنما أخذ الجزية منهم لما أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي ﷺ قال:"سنوا بهم سنة أهل الكتاب"(٤).
فإن قيل: فقد قال علي ﵁: "قد كان لهم كتاب فرفع"(٥).
(١) تقدم تخريجه (٥/ ٢٨٦). (٢) تقدم تخريجه (٥/ ٢٦٤). (٣) سورة التوبة، الآية (٢٩). (٤) تقدم تخريجه (٥/ ٢٦٤). (٥) أخرجه الشافعي في الأم (٥/ ٤٠٦ - ٤٠٧) وقال ابن حجر: رواه الشافعي وعبد الرزاق=