الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ (١) معناه إذا أديت (٢).
قيل: إن قوله: "ما أدركتم فصلوا" قد أفاد الأداء، أي: فأدوا، فيجب أن يستفاد بقوله:"وما فاتكم فاقضوا" معنى آخر حتى يحصل الفرق بين الوضعين بفائدة أخرى، لأن القضاء أريد به في هذا الموضع الفائت، وقضاؤه يقع على الصفة التي كان عليها، فصار كأنه قال: أدوا الفائت على الصفة التي كان عليها، وليس كذلك قوله: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ﴾؛ لأنه يقتضي صلاة موجودة غير فائتة.
وعلى أن الفوات [لو](٣) لم يكن مذكورا في الخبر؛ كان القضاء يقتضي الظاهر أمرا مقيدا بجميع صفاته، وإن كان يجوز أن يراد به غيره.
فإن قيل: فإن الفائت آخر صلاته، فكأنه قال: ما فاتك أن تفعله مع إمامك فاقضه.
قيل: قوله: "ما أدركتم"؛ يريد به صلاة الإمام، كذلك قال في أول الخبر:"إذا أتيتم الصلاة فأتوها بالسكينة والوقار"، ومراده صلاة الجماعة، ثم قال:"فما أدركتم فصلوا" يعني: من صلاة الإمام، فكذلك قوله:"وما فاتكم" فيه إضمار، فالظاهر وقوعه مما تقدم من صلاته، فكأنه قال: ما فاتكم من صلاة الإمام فاقضوه، هذا موضوع كلام العرب.
فإن قيل: فقد روي: "وما فاتكم فأتموا"، والتمام إنما يكون للأول.
(١) سورة الجمعة، الآية (١٠). (٢) أي أديت وتمت، ومنه قوله تعالى: "فقضاهن سبع سماوات في يومين". أي أتمهن. (٣) زيادة ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.