قيل: بلى؛ معناه أنه أراد أن يبين لعثمان هذه المدحة فجعل هذا سببا، كما قال:"أقرأكم أبي، وأصدقكم لهجة أبو ذر، وأفرضكم زيد"(١).
وأيضا فإن أردنا أن نستعمل خبرين؛ لم يكن بد أن ينقل أحدهما عن ظاهره، ومعنا نص أن الفخذ عورة.
فإن قيل: فقصة موسي ﵇"لما سار الحجر وقد ترك ثوبه عليه، وعدا عريانا"(٢)، ولعله غطى فرجه بيديه، وبقيت الفخذان مكشوفتين، فلو كانتا عورة؛ ما جاز له ذلك، ولا انتظر حتى يواريهما (٣).
قيل: تلك آية أظهرها الله لموسى؛ لأنه قيل: إنه آدر (٤)، فتيقن كذبهم، وهذه ضرورة، ولو صلى بها جاز.
فأما الكلام مع أبي حنيفة في التحديد، وكشف ربع فخذ الرجل، وربع ساق المرأة، وإن انكشف شيء من السبيلين -قل أو كثر-؛ بطلت الصلاة، واعتمد على أن أقل من الربع معفو عنه كما عفى عن قليل النجاسة، وكما حد في مسح الرأس الربع، وقد بينا قوله ﷺ: الجرهد: "فإن الفخذ
(١) أخرجه الترمذي (٣٧٩٠) بدون ذكر: "أصدقهم لهجة أبو ذر"، وكذا ابن ماجه (١٥٤) وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم (٣/ ٣٤٢) ووافقه الذهبي. وقوله: "أصدقهم لهجة أبو ذر" أخرجه الترمذي (٣٨٠١) وابن ماجه (١٥٦) وأحمد (٢/ ١٦٣) وقال الترمذي: حديث حسن، وظهر بهذا أن المؤلف أدخل حديثين في حديث، والله أعلم. (٢) أخرجه مسلم (٣٣٩/ ٧٥). (٣) وهذا يتم على قول من يقول من أهل الأصول: إن شرع من قبلنا شرع لنا. قاله النووي في شرح مسلم (٤/ ٢٨). (٤) هو بهمزة ممدودة ثم دال مهملة مفتوحة ثم راء مخففتين، قال أهل اللغة: هو عظيم الخصيتين. المصدر السابق.