وقد دللنا أن القراءة المفروضة على المنفرد تسقط خلف الإمام إذا كانت حال الإمام تختلف فيه (٢).
فإن قيل: فإنه ذكر للانتقال من ركن إلى ركن في الصلاة؛ فوجب أن يكون الإمام والمأموم في الإتيان بأصله على طريقة واحدة كالتشهد.
قيل: هذا يفسر بالسورة التي بعد فاتحة الكتاب؛ هي على الإمام في الركعتين، وليست على المأموم.
وعلى أننا قد بينا أن قوله:"سمع الله لمن حمده" سقط على المأموم لاختلاف حال الإمام فيها، ولأن المأموم مجيب للدعاء.
وبين هذا أنه ﷺ قسم الذكر بين العاطس والمشمت (٣)، كما قسم بين الإمام والمؤتم في الخبر الذي رويناه، فلما لم تجز مشاركة أحدهما صاحبه فيما يقوله؛ فكذلك الإمام والمأموم، وقول الإمام:"سمع الله لمن حمده" استجابة لدعاء داع، وقول المأموم:"ربنا لك الحمد" على وجه المقابلة، لأنه لا حامد له غير المؤتم في هذه الحالة، فلا يشرك أحدهما صاحبه، كالعاطس والمشمت. وبالله التوفيق.
* * *
(١) انظر التجريد (٢/ ٥٣٠). (٢) انظر ما تقدم (٤/ ٣١٤). (٣) أخرج أحمد (١/ ١٢٠) من حديث علي: "إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد الله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله؛ فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم".