كل الأحوال، فوجب أن يوافق الفاتحة كالسورة التي بعد الفاتحة.
ووجه الإخفاء بقوله: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ (١)، وقد روي عن الرسول ﷺ أنه قال:"المعلن بدعائه كالمعلن بصدقته، والمسر بدعائه كالمسر بصدقته"(٢) وقد قال الله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ﴾ (٣) فدل أن الإخفاء خير.
وأيضا فهو دعاء يستوي فيه الإمام والمأموم في الصلاة، فأشبه التسليم والتشهد (٤).
فإن قيل: هذا يفسد بالقنوت وبقول: "سمع الله لمن حمده".
قيل: الاستحباب في القنوت الإخفاء، وقد احترزنا من قوله "سمع الله لمن حمده"؛ لأنه ينفرد به الإمام دون المأموم (٥)، وقد مدح الله تعالى عبده زكريا بقوله: ﴿كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ (٦). وبالله التوفيق.
* * *
(١) سورة الأعراف، الآية (٥٤). (٢) أخرجه أحمد (١/ ١٥١) وأبو داود (١٣٣٣) الترمذي (٢٩١٩) وقال: حسن غريب. ولفظه الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة. (٣) سورة البقرة، الآية (٢٧٠). (٤) انظر الإشراف (١/ ٢٦٠). (٥) هي المسألة الموالية. (٦) سورة مريم، الآيتان (١ - ٢).