وأيضًا ما روي أن النبي ﷺ قال:"ما لي أنازع القرآن، إذا كنتم خلفي فلا تقرؤوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"(٢).
فإن قيل: فأنت لا توجب على من خلف الإمام القراءة، فكيف تحتج بهذا الخبر.
قيل: ظاهر الخبر ينفي إجزاء الصلاة بغيرها في كل حال؛ لأن قوله:"فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها" عموم قامت الدلالة على تخصيصه في المأموم، وبقي الباقي على عمومه.
وأيضًا فلو اعتمدت على قوله ﵇:"لا تقرؤوا خلفي إلا بأم القرآن"(٣)؛ لم يضر؛ لأن ظاهره ينفي قراءة غيرها مكانها، وأنتم تقيمون غيرها مقامها، وقد روي أنه ﵇ قال:"لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وشيء معها"(٤).
(١) تقدم تخريجه (٢/ ٨). (٢) أخرجه أبو داود (٨٢٣) والترمذي (٣١١) وأحمد (٥/ ٣١٣) وحسنه الترمذي، وله شواهد ذكرها البيهقي (٢/ ٢٣٤ - ٢٣٧) وانظر تنقيح التحقيق (٢/ ٢١٨ - ٢٢٥). (٣) هو الحديث قبله. (٤) أخرجه بنحوه الترمذي (٢٣٨) وابن ماجه (٨٣٩) وابن أبي شيبة (٣٦٤٩) من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ: "بالحمد لله وسورة في فريضة أو غيرها، وفيه أبو سفيان السعدي ضعيف. انظر نصب الراية (١/ ٣٦٧) وعزاه ابن عبد الهادي في التنقيح (٢/ ٢١٠) لمسند أبي حنيفة بلفظ: "لا تجزئ صلاة إلا بفاتحة الكتاب ومعها غيرها"، وهذا أقرب إلى لفظ المصنف، وأخرجه ابن حزم في المحلى (٢/ ٢٦٦) بهذا اللفظ موقوفًا على عمر، وكذا هو عند المنذر في الأوسط (٣/ ٢٥٣) وأخرج مسلم (٣٩٤/ ٣٧) بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن فصاعدًا".