ابتداء اجتماع الظلمة، وهذا يكون بعد غيبوبة الحمرة.
وإن أدخلنا الحد في المحدود؛ فهو أيضًا دليلنا، فكأنه قال:"أقم الصلاة عند الغسق وقد وجد غيبوبة الحمرة"، وليس يلزمنا أن نستوفي كل غسق في الليل.
وعلى أنه لو كان الظاهر معهم؛ لقضى عليه حديث المواقيت.
فإن قيل: وجدنا الفجر لا يجب إلا بآخر الطالعين، فوجب أن لا يجب العشاء إلا بآخر الغاربين.
وعبروا عبارة أخرى فقالوا: وجدنا الفجر لا يجب إلا بآخر الفجرين، فوجب أن يكون وجوب (٢٩٣) العشاء لآخر الشفقين.
= ولا يستعمل في غيره إلا مجازًا، ومنهم من قال: لا يدخل إلا بقرينة، ومنهم من قال: إذا كان ما بعدها من جنس ما قبلها دخل، وإلا فلا. قال الزمخشري: "إلى" تفيد معنى الغاية مطلقًا، فأما دخولها في الحكم وخروجها؛ فأمر يدور مع الدليل، فمما فيه دليل على الخروج قوله: ﴿فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾؛ لأن الإعسار إلى الإنظار، وبوجود الميسرة تزول العلة، ولو دخلت الميسرة فيه؛ لكان منظرًا في كلتا الحالتين، معسرًا وموسرًا، وكذلك: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ لو دخل الليل؛ لوجب الوصال، ومما فيه دليل على الدخول قولك: حفظت القرآن من أوله إلى آخره، لأن الكلام مسوق لحفظ القرآن كله، ومنه قوله تعالى: ﴿مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ لوقوع العلم بأنه لا يسري به إلى بيت المقدس من غير أن يدخله، وقوله: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ و ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ لا دليل فيه على أحد الأمرين، فأخذ كافة العلماء بالاحتياط، فحكموا بدخولها في الغسل، وأخذ زفر وداود بالمتيقن فلم يدخلاها. اهـ قلت: وانظر مغني اللبيب (١/ ١٠٥ - ١٠٦) وتفسير ابن جرير (٤/ ٢٧٥٠) وأحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٨ - ٥٩) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٣/ ٤٥٨).